lundi 29 février 2016

احتفاء ج أسرة الغد باليوم العالمي للمرأة


 تنظم  جمعية أسرة الغد مكناس نشاطا ترفيهيا لفائدة نزيلات مؤسسة الرعاية الاجتماعية دار المسنين بمكناس مع إفراد مستخدمات ومتطوعات هذه المؤسسة  بالتفاتة رمزية  إحياء لليوم العالمي للمرأة مساء يوم الثلاثاء 8 مارس 2016

lundi 22 février 2016

عن المنجز التشكيلي بالمغرب

 أكذوبة الانخراط في ما بعد الحداثة  
ابراهيم الحيسن

23/09/2008
إن من يبحث عن معنى الفن الجديد، هو قلب علاقة الشيء باللوحة وجعله تابعا لها بصورة جلية
                                                                                                                      
أندريه مالرو بالمغرب
 خلق الاستعماران الفرنسي والإسباني منذ عام 1907 الأجواء الملائمة لنشر الثقافة الغربية بكل خلفياتها السياسية والكولونيالية، حتى يتمكن من اختراق جسد التراث المغربي الأصيل والمتفرد بجذوره الثقافية والتاريخية التي تمتد إلى الأدارسة والمرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين والعلويين..

فبعد الظاهرة الاستشراقية التي شكل المغرب تحت نيرها فضاء مستهدفا من قبل العديد من الرسامين الأجانب الباحثين عن الضوء والشمس (دولاكروا، ماتيس، كاموان..) ، أنشأ المستعمر الأجنبي مدرسة فنية بالشمال وهي المعروفة بمدرسة تطوان وكان يديرها الرسام الغرناطي ماريانو بيرتوتشي- 1945، وأخرى بالجنوب كان على رأس إدارتها الفنان الفرنسي جاك ماجوريل- 1950. فهاتان المدرستان سيكون لهما وقع كبير في رسم وتحديد الملامح العامة للتوجه التشكيلي بالمغرب : التشخيص والتمثيل وإبراز المادة المجسمة مقابل التجريد وحرية الانتشار الخطي واللوني على مسطح اللوحة..
ويرجع كثير من نقاد الفن ظهور أول لوحة صباغية مغربية إلى ما قبل إنشاء المدرستين المذكورتين، حيث يربطونها بتجربة الرسام العصامي محمد بن علي الرباطي(1861-1939) المعروف بمصور طنجة الذي يؤرخ الرسم الصباغي الذي نفذه عام 1910 لبداية التصوير اليدوي بالمغرب..مع أن ما قدمه الرباطي كان مسبوقا بتجربة جمالية رائدة تتمثل بالتصاوير التزويقية والرسوم التصغيرية الجميلة التي أنجزها الشاعر التطواني سيدي المفضل أفيلال (1824- 1887).. 
كما أن جل الرسامين المغاربة الذين كان لهم سبق الممارسة- الرعيل الأول- ولجوا المدرستين المذكورتين قبل توجه الكثير منهم إلى الخارج ( فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، بولونيا..) لاستكمال التكوين الفني، الأمر الذي منحهم إمكانيات إبداعية متقدمة أهلت البعض منهم لإرساء دعائم التصوير والتعبير التجريدي الحديث بالمغرب، أبرزهم الراحلان الفنان الانفعالي جيلالي الغرباوي وصديقه أحمد الشرقاوي الذي تميز بإنجاز لوحات صباغية تمتح عناصرها من الجذور والتراث..
هذا إلى جانب جماعة من الفنانين المتمرسين كالمكي مغارة وسعد بن شفاج وعبد الله الفخار ومحمد السرغيني أول مغربي يدير مدرسة الفنون الجميلة بتطوان خلفا لبرتوتشي، إلى جانب فنانين آخرين مزوّدين بتكوين نظري رصين ساعدهم كثيرا على فهم واستيعاب مسارهم الإبداعي، وفي نفس الوقت التصدي لكل وصاية أجنبية على الوجدان الجمالي المغربي. ويتصدر هؤلاء الفنان محمد شبعة وكذلك رفيق دربه محمد المليحي. ولأن المناخ العام كان حاسما ومليئا بالأفكار السياسية والإيديولوجية التي ملأت مساحات واسعة من انشغالات المثقفين والمفكرين المغاربة التقدميين، فقد كان لا بد من ثورة التلميذ على الأستاذ وقتل الأب بيرتوتشي(رمزيا) ، حيث التحق كل من محمد شبعة ومحمد المليحي بفريد بلكاهية بمدينة الدار البيضاء وأسسوا حركة طليعية في الفن أطلقوا عليها اسم: 'جماعة 65' ، أو جماعة فناني البيضاء وقد انضم إليهم فنانون آخرون من بينهم محمد حميدي، وذلك على خلفية ردِّ الاعتبار للفنون الوطنية..
نشطت هذه الحركة وتقوَّت، خصوصا بعد انضمامها لجماعة مجلة أنفاس(سوفل) اليسارية التي كان يديرها الشاعر عبد اللطيف اللعبي إلى جانب أعضائها الطاهر بن جلون ومصطفى النيسابوري وعبد الكبير الخطيبي، وكلهم يكتبون باللغة الفرنسية. وتضاعف هذا النشاط كثيرا داخل جماعة 'الثقافة الجديدة'، ولا سيما بعد ظهور بيان الكتابة الذي وقعه كل من الشاعر محمد بنيس والرسام محمد القاسمي حول التفاعل بين الشعر والتشكيل، إذ تم إنتاج العديد من الكتيبات المشتركة و Porte-Folio التي تجمع النصوص الشعرية والأعمال التصويرية المصاغة بتقنيات طباعية متنوعة كالحفر والسيريغرافيا، فضلا عن الحيوية الفكرية التي اتسمت بها بعض الملاحق الثقافية آنذاك، خصوصا بجريدة المحرر وأنوال..
فتمت البداية بتفعيل الدرس البيداغوجي والانفتاح على الفنون الشعبية وإدماج الحِرف والصنائع والمشغولات اليدوية التقليدية في المنظومة التعليمية. وكان لهذا التحول في تاريخ مدرسة الدار البيضاء ما يبرره، حيث كان المناخ الإبداعي العام ملائما لبلورة هذه الأفكار لا سيما بعد أن أنيطت بالفنان فريد بلكاهية عام 1962 مهمة إدارة المدرسة خلفا لأزيما، وذلك باقتراح من النقابي المغربي المحجوب بن الصديق. وكان من بين المشتغلين مع بلكاهية في ذلك الوقت الفنانون: محمد المليحي، محمد شبعة، محمد حميدي ومصطفى حفيظ، إضافة إلى طوني مارايني التي كلفت بإعطاء دروس في الفن، في ما شغل الجَمَّاع الهولندي بيرت فلينت مهمة تدريس تاريخ الفنون التقليدية الشعبية باعتماد الصور الشفافة الثابتة. كما كُلف الرسام الفرنسي جاك أزيما بإدارة المرسم. وبفضل هذه المجموعة المنسجمة، انتظمت مدرسة الدار البيضاء عام 1967.. من ثم، باتت مدرسة الفنون الجميلة بالبيضاء تعتمد أرضية بيداغوجية تنطلق من دعم خطاب العودة إلى الجذور التراثية، حيث استبدلت القطع والنماذج الفريكولاتينية بنماذج من التراث المغربي الأندلسي والأمازيغي كالخشب المزوق والحلي والإبداعات اليدوية الشعبية ذات الوظائف النفعية والجمالية، كما تم تشجيع الدرس النظري وإعداد الطلبة لممارسة النقد الجماعي والنقد الذاتي وتدريبهم على تحليل القطع والأعمال الفنية، وكانت مجلة 'المغرب آرت' التي تصدر عن المدرسة تعكس كل هذه التحولات والاهتمامات..
غير أن رحيل الفنان فريد بلكاهية وتقديم استقالته عام 1974 من إدارة مدرسة الفنون الجميلة سيرمي بهذه المؤسسة إلى مناخ مغاير مليء بالكثير من التعثر والتذبذب والارتباك..
هكذا وبأسف شديد، أصيب الجسد التشكيلي المغربي بجرح عميق- لم يندمل بعد- بسبب القطيعة ولم يستطع الجيل الموالي- ولا حتى الأجيال الأخرى- حمل المشعل بشكل صحيح ومواصلة المشوار بنفس القوة والحماس، قدر ما ذهب جل أبنائه ضحية الاستلاب والأليَـنة- Ali'nation الثقافية وإعادة النماذج الفنية المسكوكة والجاهزة التي ألقت بظلالها وظلامها على أشكال البحث والتجريب التشكيلي المغربي وشلت حركة الخلق والإبداع لدى الكثير من الرسامين والنحاتين المغاربة الذين ليسوا على دراية كبيرة بأسرار المواد وتقنيات استخدامها!!

عقدة لوحة الحامل

الراجح أن الممارسة التشكيلية بالمغرب- بعد مرور أزيد من نصف قرن- لم تتخلص بعد من عقدة لوحة الحامل- Chevalet (اللوحة المسندية) وظلت عاجزة تماما عن تمتين العلاقة الإبداعية مع الجذور الجمالية المؤسسة للفن الحديث والمعاصر بكل أنساقه ومدركاته البصرية المتعددة، الأمر الذي حوّل الكثير منها إلى إبداعات كرنفالية مستنسخة ومزينة بالمساحيق اللونية المستوردة بدون أثر أو تأثير معين على المتلقي.. وفق هذه الصورة المبعثرة، ظل الإنتاج الصباغي المغربي طيلة الفترة المذكورة يعيش- في سياقه التأليفي والتآلفي- حالة من التردي والتغريب القسري داخل النسيج الثقافي الوطني، بسبب سوء الفهم للفن في تحولاته وبسبب التوظيف السيئ لذخائرنا البصرية والاستخفاف بمجموعة من النماذج والمعاني الجمالية النبيلة التي أبدعها المخيال الشعبي. وبالنتيجة، انشغل العديد من الفنانين التشكيليين (رسامين ومصورين وغيرهم..) بسؤال الانتماء والانخراط الأعمى في تيارات الحداثة وما بعدها من دون تحقيق تراكمات إبداعية أو خلق شروط ثقافية كافية لتبرير هذا الانخراط..
ورغم أن القاعدة العامة تقول بأن ولوج العالمية لا يتم عادة سوى من تلقاء المحلية وعدم التفريط في الخصوصية مع الانفتاح الصاحي والمعقلن على إبداعات وتجارب الآخرين، فإن الكثير من الأعمال التصويرية المغربية المعاصرة قفزت على كل المراحل وتحوّلت إلى خواء تشكيلي وإلى فن فارغ ومبتذل ذي مراجع ممزقة ومشوهة..فيما حاولت إنتاجات أخرى الاتجاه- بجرأة إبداعية مغلفة بالخوف والتردد- نحو تأكيد الهوية الجمالية الوطنية، لكن بدون مدركات وقواعد بصرية قوية قادرة على تحصين الذات ومنح الشخصية الإبداعية استقلاليتها المفترضة.
على هذا المستوى، حاول بعض الفنانين مقاربة هذا السؤال الجوهري ـ الهوية الجمالية - بنوع من المجانية، سواء من خلال الاستقواء بالعلامات والرموز البصرية المستعارة من تربة الثقافة الشعبية (مع استثناء تجربة الراحل أحمد الشرقاوي)، أو من خلال استعمال حروفية ساذجة وفارغة من أي محتوى ثقافي وجمالي..إلى جانب انتشار التصويرية الاستشراقية Peinture orientaliste التي كرستها وفرَّختها معايير وأذواق برَّانية كانت السبب الرئيسي في اختلاط الفن النخبوي الجاد بالفن الاستهلاكي المستنسخ. وقبل ذلك، ذاع الرسم الفطري (الناييف) الذي لقي تشجيعا أجنبيا مصطنعا يعكس في حقيقته تخطيطا ثقافيا استعماريا قدّم المغرب في صورة بلد بدائي ينتج فنا ساذجا يقوم على الغرابة والتخلف (قصة مالرو مع الورديغي، المهندس سميث مع عبد السلام بن العربي الفاسي، أزيما مع ابن علال، بول بولز مع الإدريسي اليعقوبي..).
لكن، ومع ظهور بعض الفنانين المخضرمين إلى جانب آخرين ينتمون لجيل الثمانينات ـ جلهم يمتهنون تدريس الفنون التشكيلية بالثانويات ومراكز التأهيل التربوي- شهد الفن التشكيلي المغربي منعطفا جماليا إيجابيا منحه بعض الدفء
(المؤقت) بفعل الحيوية الإبداعية التي ميزتهم، لكن القاطرة التي كان يركبها هؤلاء الفنانون سرعان ما زاغت عن سكتها حيال بروز خلافات مجانية أفرزتها تكتلات جمعوية فاشلة وظرفية ظلت ـ مع الأسف الشديد - بعيدة عن رسالة الإبداع وارتبطت أصلا بتحقيق أغراض ومآرب شخصية!!، الأمر الذي أعاد التجربة التشكيلية المغربية كثيرا إلى الوراء..
من ثم، بات الاقتناع مؤكدا بأن البحث الصباغي المغربي ما زال سطحيا ويعاني من عدم الاعتراف داخل البنية الثقافية الوطنية جراء الأمية الأيقونية- Analphab'tisme iconique من جهة، وبسبب فوضى الإبداع الناتجة عن غياب خطاب نقدي أكاديمي جريء يتجه نحو إنجاز قراءة صحيحة ومنصفة لخريطة الإنتاج التشكيلي المغربي الحديث والمعاصر من جهة أخرى..فالكثير من المغاربة يصبغون ويلونون وينحتون ويركبون الأحجام والصور، ولكن!!

النحت، الخزف، الديزاين،
الغرافيك : المصير المشترك

ما قيل عن الصباغة والتصوير، ينطبق كذلك على فن النحت الذي ظل خجولا ومحتشما بالمغرب وارتبط ظهوره ببعض المحاولات (التأسيسية) الضعيفة والقليلة في آن. فالمنحوتة لم تكن أحسن حالا من اللوحة الصباغية داخل خريطة الإبداع الجمالي المغربي، ذلك أن الحديث عن هذا الجنس التشكيلي يفرض الحديث عن تجارب قليلة مستهلكة. نفس الأسماء ونفس القطع تعرض هنا وهناك..في كل مكان. لا شيء يتغير في النحت المغربي أو يتبدل : إبداع رتيب وممل..
النحت بالمغرب ارتبط بمبدعين قلائل : تجربة الفنان جيلالي الغرباوي الذي أبدع بعض القطع النحتية في دير تومللين إلى جانب الفنان الفطري مولاي أحمد الإدريسي بالرباط..ثم التجربة النحتية الرائدة التي قام بها التهامي القصري- المزداد بالقصر الكبير عام 1932- الحاصل على شهادة الإجازة في النحت من كلية سان خوان بإسبانيا والذي سبق له الحصول على جائزة عالمية مهمة بإشبيلية. وأيضا تجربة الفنان حماد حلمي- المزداد عام 1927 بالقصبة بمراكش. تقلد عدة مناصب إدارية وفنية، كما تحمل مسؤولية الرئاسة داخل الجمعية الوطنية للفنون الجميلة المغربية. إلى جانب الفنانين العصامي عبد الحق السجلماسي وعبد الرحمان رحول وحسن السلاوي في اشتغاله على العظام وموسى الزكاني الذي اشتهر كخزاف ومحمد العادي بإضافة عبد الكريم الوزاني الذي ينجز منحوتات إقلالية هوائية غارقة في البساطة والاختزال بناء وتركيبا. مؤخرا حاول الفنان محمد شبعة أن يحفظ ماء وجه النحت المغربي بعرض مجموعة من القطع النحتية ذات المنحى الرمزي بالرباط وطنجة ولا أحد انتبه إلى رسالته.
غير أن تجربة النحاتة إكرام القباج تظل متفردة بامتياز. فمسارها النحتي متنوّع : الحديد- 1983، مرحلة التحولات- 1988، الطين والتراب- 1993 وفي ما بعد الاشتغال على البوليستير والحجر. وطموحها الإبداعي لم يتوقف عند هذا الحد..فهي تعد من أبرز المشاركين في الدورة الحادية عشرة لسامبوزيوم أسوان الدولي، وقبل ذلك سجلت حضورا لافتا للنظر خلال مشاركتها في الطبعة الخامسة لمحترف راشانا الدولي للنحت ( غشت 1998) ، إلى جانب نحاتين مرموقين كالروسي غينادي بانكو والأوكراني غولتوري واللبناني بيار كرم والسوري لطفي الرمحين والأردنية منى السعودي..وغيرهم
وفضلا عن ذلك، يعود للنحاتة القباج الفضل في تنظيم ملتقى دولي للنحت بالمغرب مرّت منه أربع دورات : الجديدة- 2000 ، طنجة- 2001، فاس- 2002 والصويرة- 2003.. أما بالنسبة للخزف والديزاين، فحدث ولا حرج. فكلاهما ينحصر في تجربة أو تجربتين جديرتين بالذكر. في ما يخص الجنس التشكيلي الأول، برز الفنان عبد الرحمان رحول بعد استفادته من تدريب أكاديمي في السيراميك بهولندا، لكنه سرعان ما انطفأ بسرعة ليجد نفسه أسيرا لصباغة متكررة لا ترحم. وفي الجنس التشكيلي الثاني، تميز الفنان سعيد كيحيا كمصمم فني ولم يشفع له تكوينه الفني ببلجيكا في نشر هذا الفن والتعريف به في المغرب، وحاليا يدرس هذا التخصص بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء في غياب الحد الأدنى من اللوازم والوسائط الديداكتيكية الضرورية !! 
في حين يظل الحديث عن فنون الغرافيك مرتبطا- نسبيا- بالتجارب الأولى لمشاغل الحفر التي تقام خلال موسم أصيلة الثقافي، والتي كان يؤطرها كل من الفنان البولوني رومان أرتموسكي- R. Artymowski والفنان العراقي رافع الناصري والفنان السوداني محمد عمر الخليل..وغيرهم. وكانت هذه المشاغل والمحترفات تأسست بفضل المساعدة المالية التي تلقتها جمعية المحيط من وكالة ACDI للتنمية الدولية الكندية، حيث تم اقتناء ثلاث آلات طابعة من إيطاليا. وكان العمل والإبداع بها يشمل كذلك الحفر الخشبي والطباعة الحريرية(سيلكسكرين) والطباعة على القماش المعروفة بالباتيك..هذا إلى جانب محترف السيراميك الذي كان ينشطه الفنان العراقي طارق ابراهيم.. مثلما يظل الحديث عن هذه الفنون يرتبط أيضا بتجربة 'جماعة فن الغرافيك' التي أقامت عدة معارض جماعية حول فن الغرافيك انطلقت في نسختها الأولى عام 1988 بقاعة النادرة-D'couverte بالرباط، وقد شارك فيها الفنانون المؤسسون، قبل أن ينضم إليهم آخرون لهم تكوين متقدم في فن الغرافيك. (...)
أضف إلى ذلك الفوتوغرافيا، أو فن التصوير الضوئي الذي ظل رهينا بالأنشطة الفنية التي تقوم بها الجمعية المغربية للفنانين الفوتوغرافيين- AMAP التي يعود تأسيسها بالقنيطرة إلى عام 1988 بفضل مجهود رئيسها الأول المبدع الراحل عبد الحميد الرميلي وآخرين. ونفس الشيء يقال بخصوص فن الكاريكاتور الذي لم يظهر بالمغرب سوى في مطلع الستينات مع الرسوم الساخرة التي كان ينفذها الفنان التشكيلي الراحل العربي بلقاضي الذي يعد من أوائل رسامي الكاريكاتور الساخر بالمغرب، إذ بدأ الممارسة الكاريكاتورية لأول مرة بجريدة 'أخبار الدنيا' التي كان يديرها الأستاذ مصطفى العلوي، الذي خصص له ركنا بعنوان: 'إضحك مع بلقاضي' وكان الحاج البوحاطي بطلا رمزيا لجل رسوماته.. أضف إلى ذلك تجربة الرسام العربي الصبان التي انطلقت شرارتها الأولى بشكل ملفت للنظر بجريدة 'أخبار السوق' منذ صدروها عام 1978..قبل أن تظهر في ما بعد بصحيفة 'القدس العربي' وصحيفة 'العلم' التي يرسم بصفحتها الأخيرة رسوماته الكاريكاتورية المعبرة التي تتصدرها شخصية 'مهماز' العنيدة كصورة رمزية تجسد مواطنا مغربيا بئيسا حافي القدمين ويضع طاقية مخططة على رأسه.

صحوة جمالية، ولكن!!

لعل من مظاهر التحوّل الإبداعي في التجربة التشكيلية المغربية الراهنة، انخراط مجموعة من الفنانين الشباب- بعضهم يعيش بالمهجر- في تيارات ما بعد الحداثة أو ضدها، وذلك من خلال إنتاج مجموعة من الإرساءات والمنشآت الفنية- Installations (بإضافة الفيديو والفوتوغرافيا الجديدة والنحت الحي..) كبدائل عن اللوحة وكوسائل 'جديدة ' لخلق نوع من التدخل الفرجوي في الفضاء، وإن كانت جل هذه الإنتاجات لا تنهض على أسس ومعانٍ ثقافية ترقى بها إلى مستوى الإحداثيات المعرفية/البصرية التي قعّدت أصلا لهذا التحوّل..
على خطى هذا الامتداد الإبداعي، برزت بعض التجارب الجمالية المغربية المعاصرة التي تنتمي إلى الحساسية الجديدة، رغم محدوديتها وتكراريتها في شكل قطع تجهيزية عضوية تقوم على إدخال وسائط وتقنيات غير تصويرية في بنية العمل التشكيلي. وبنزوع مبدعي هذه القطع نحو أساليب جديدة في البناء والتوليف والمعالجة، تظل هذه التجارب والأبحاث الجمالية تمثل شواهد مادية توحي ببزوغ 'صحوة جمالية' قد يستفيد منها الفن المغربي المعاصر لاحقا شريطة إنضاجها وتعميقها- ممارسة وتنظيرا- وعدم عزلها عن مراجعها البصرية التي ساهمت في ظهورها..
ورغم مجموعة من الاجتهادات، فإن الإنتاج التشكيلي المغربي عموما (القديم منه والحديث) ما زال بعيدا عن المنافسة الدولية، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى تخلف الإبداع وانسلاخه عن ذاته وضعف الكتابة النقدية والمواكبة الإعلامية والافتقار إلى بنيات تحتية ووسائطية عصرية متخصصة (أروقة، متاحف، مشاغل ومحترفات مفتوحة..) وتذبذب مناهج ديداكتيك الدرس الجمالي بالمدرسة المغربية وانعدامه بالجامعة..فضلا عن قلة التشجيع وندرة فرص الاحتكاك بالخارج، دون الحديث عن انتشار ظاهرة الأعمال المزيفة وانعدام وجود سوق فنية- March' d'art دينامية لتصدير الإبداع التشكيلي الوطني وترويجه بالخارج..إلى غير ذلك من العوامل التي تعري وتفضح المستوى الهزيل والمقلق للسياسة الثقافية بالمغرب!!
فالتشكيل المغربي غير معترف به بالخارج والتشكيليون المغاربة غير معروفين سوى من طرف عدد ضئيل من نقاد الفن أغلبهم تربطهم معهم علاقات شخصية أكثر منها إبداعية..بل إنه حتى على مستوى المهرجانات والملتقيات الفنية القارية والدولية، يظل الحضور التشكيلي المغربي في شموليته باهتا وخجولا باستثناء ما حققته بعض التجارب الفردية القليلة التي فرضت حضورها بمجهودات ذاتية غير مدعمة
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، يجدر بنا ذكر تجربة المبدعين الراحلين محمد القاسمي الذي لعبت دار النشر الفني 'روفي نورا' بفرنسا دورا كبيرا في انتشار لوحاته وارتباط اسمه بمهرجان بنين التشكيلي.. وشعيبية طلال التي تم تكريمها عام 2003 من طرف المؤسسة الأكاديمية للتربية والتشجيع بباريس بوصفها رافدا من روافد الإبداع المغربي المعاصر، وذلك بفضاء 'عبر القارات' ضمن حفل فني بهيج حضره الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك..هذا بإضافة بعض الجوائز والاستحقاقات اليتيمة، أبرزها نالها الفنان القاسمي بمصر وفرنسا.. 
هكذا، وعلى امتداد سنوات عديدة، مرَّ الفن التشكيلي المغربي، في أهم أجناسه وتلاوينه، من فراغ إبداعي مهول فقد على اثره الكثير من بريقه، ولم يعد يتبوأ المكانة المتميزة التي كان يحتلها سابقا على المستويين العربي والقاري..ليظل السؤال: 'إلى أين يسير الفن التشكيلي المغربي' معلقا حتى إشعار آخر!! 

ناقد تشكيلي من المغرب.
Tachkil65@yahoo.fr

* هوامش
1
 مصطلح فلسفي انتعش في الثقافة الأمريكية منذ ثمانينات القرن الماضي كتيار واسع من الأفكار التي اكتسحت مختلف الفنون والعلوم الانسانية. فتعبير 'ما بعد الحداثة' Post- modernisme، هو أيضا نتيجة حتمية للحداثة التي كانت السبب في ظهور النزعة الفردانية- أو النرجيسية المتقدمة- القائمة على الفصل بين أشكال التعبير الفني العليا والدنيا، كما يقول د. ماري كليجز.
أنظر بهذا الصدد: 'عصر الفراغ ' لجيل ليبوفيتسكي/
vide Gallimard; 1980. Gilles Lipovetsky : L'Ere du 
والإنسان ما بعد الحداثي، هو الذي يتجاوز العيش على الخرافات والأساطير من منظور الباحث فرانسوا ليوتار صاحب كتاب 'الوضع التأملي ما بعد الحداثي' الصادر عام 1979 عن دار مينوي- Minuit ..أي الإنسان المتحرر الذي يؤمن بالاختلاف (ج. دولوز- 1980)..
2
 يرجى نظر: أنطوان كومبانيون: 'ضد الحداثة '- دار غاليمار 2005.
3
 د. طلال معلا : مرايا الرؤى/ في شأن بلاغة التشكيل.
وقائع ندوة دولية حول الشعرية البصرية/ الطبعة الأولى- دار الثقافة والإعلام- الشارقة 2001 (ص. 161 و 162).. 
4
 نفسه (ص. 162 و163)..
5
 يذكر أن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء كانت سباقة إلى فكرة تأسيس شعبة للفن، حيث بادر الأستاذ حسن الصميلي عميد الكلية عام 1986 الى اقتراح تدريس علم الجمال (الإستتيقا) بتكليف الباحث الجمالي موليم لعروصي بإعطاء دروس نظرية في هذه المادة لفائدة طلبة شعبة اللغة العربية وآدابها..
وهكذا، وخلال شهر شباط (فبراير) من نفس السنة سيقترح العميد إحداث مشغل للفنون التشكيلية الذي عرف بعض التذبذب في بداية الأمر بسبب قلة وسائل الاشتغال ، لكن العمل به سرعان ما عرف بعض التطور خصوصا بعد أن تم إلحاق الفنان عبد الكبير ربيع بالكلية عقب ذلك بسنة واحدة، أي في شباط (فبراير) 1997..لتتطور التجربة ككل بإدماج المادتين معا (علم الجمال ـ المشغل) والحصيلة إحداث 'محترف الجماليات' الذي شرع رسميا في إعطاء دروس نظرية وعملية لفائدة الطلبة منذ عام 1988، تكونت عنه نواة أنيطت بها مهمة الإشراف على البحوث الجامعية ذات الطبيعة الفنية والجمالية.. 
وخلال السنة الموالية، ستنفتح هذه التجربة على مدرسة الفنون الجميلة بتكليف كل من الأستاذين موليم لعروصي وعبد الكبير ربيع بإعادة صياغة هيكلة التعليم الفني بهذه المؤسسة الأكاديمية في أفق خلق روابط عملية حقيقية بين المحترف والمدرسة تمخضت عنها فكرة خلق شعبة للفنون بالكلية، وهي الأولى من نوعها بالمغرب صدر قانونها بالجريدة الرسمية في ايلول (سبتمبر) 1992.
6
 يقام مهرجان الواسطي للفنون التشكيلية تخليدا للفنان العراقي يحيى بن محمود بن يحيى بن أبي الحسن كرويها الواسطي المزداد ببلدة واسط/ جنوب العراق، وذلك عام 114 للهجرة. واشتهر الواسطي بإنجازه أول عمل في التصوير العربي عندما تمكن عام 1273م/634هـ من خط نسخة من مقامات الحريري وأبدع في تزيينها بواسطة مئة منمنمة ملونة من رسوماته الإقلالية الجميلة التي تعبر عن خمسين مقامة/ قصة..